ومضة نقد للإعلام الرسمي

أ. الباحث: الصديق باب

( 6,556,991,940 )
حرفيا يكتب هذا الرقم الذي بعضكم لم يتأنى لقراءته من طوله على النحو التالي: ست مليارات وخمس مائة وستة وخمسون مليون و تسع مائة وواحد وتسعون ألف وتسع مائة وأربعون .
( جد متأكد أن لا أحد استطاع ضبطه من قراءته الأولى و لا يعرف لما يرمز ؟ )

هذه الأرقام بالأوقية القديمة مجموع حصة أربع مؤسسات إعلامية رسمية من الميزانية السنوية للدولة أكبرهم نصيبا منها قناة الموريتانية التي تضم باقة قنواتها :
القناة الأولى ، الموريتانية ² ، الثقافية ، الرياضية ، الأسرة ، المحظرة ، البرلمانية .
و ذلك لتقديم البرامج التالية : آلو الموريتانية ، زيارة خفيفة ، فقه الصائم ، في بيوت الفنانين ، لقاء خاص ، لكِ ( تدخل الزوج في عمل الزوجة ) ، الحدث الثقافي ، منبر المواطنين ، و يؤثرون على أنفسهم ، على خطى عائشة ، النشرة الرياضية ، الأخبار ، تحت الضوء ، في ميزان الشعب ، مساء الخير ، الصحافة كافى ، موريتانيا الأعماق ، من إرشيفنا ، خطابات الرئيس ، الفتاوى ، صوت الدائرة ، ضيف البرلمانية .
برامج لا تلتزم بمعايير الجودة المطلوبة تراوح في محتواها بين السطحية والتافهة الخالية من المعنى مرغمة كل مواطن يتطلع لرؤية إعلام بلده منافسا للإعلام الدولي على مشاهدة الأحاديث العقيمة والصور السطحية والمواضيع العابرة التي لا تترك أي أثر تعليمي أو ترفيهي في ذهن المشاهد.
و يعود السبب الرئيسي لهذا التدهور في محتوى وسائل إعلامنا الرسمي المرئي و المسموع إلى السباق التجاري الأعمى والزبونية و الانتقائية في التعيينات التي لا تخضع لمعيار غير استغلال النفوذ الذي أودى بنجاعة جل المؤسسات العمومية .
إن سعي مؤسسة تتجاوز ميزانيتها المليار أوقية لزيادة معدلات المشاهدة وتحقيق الأرباح، وسد فجوة الفراغ ببرامج تعد بناءً على اعتبارات تجارية والتزامات إعلانية، وطرح غير مدروس، بدلًا من تقديم محتوى يعتمد على الجودة والقيمة الفكرية ،لهو أكبر دليل على أن الفساد في هذا الحقل بلغ أوج تحكمه و تفشيه و ليس محيرا بعد ذلك أن يغفل عن تمثيل تراثنا الثقافي وإحيائه وليس تقيّده بمحتوى يفتقر للعمق واحترام الجمهور، إلا مما يؤكد على أننا بحاجة ماسة لمراجعة و إعادة النظر في هذه المؤسسات العمومية و صقلها من براثين عهونة لا تجسد قيمنا الثقافية والتربوية ولا تلبي أي شيء من تطلعات الجمهور ، وعلى الجهات العليا المسؤولة أن تسعى لتدارك الموقف بتعزيز المحتوى الذي يعكس رغبات المشاهدين ويحقق متطلبات التعليم والثقافة والترفيه و أن تساير ركب الأمم من حولها و لن يكون ذلك إلا بإسناد الأمر إلى أهله من المبدعين والمثقفين الأكفاء من أصحاب الخبرات الطويلة في مجال الإدارة و التسيير و الإعلام .
و في الختام : يستحق المواطن الموريتاني من عائدات ثروات بلده أفضل مما يقدمه الإعلام الرسمي؛ برامج تساهم في بناء مجتمع ثقافي متطور، ترعى التراث و ترسخ القيم وتعزز التعليم و تخلق الترفيه .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى