على من تقرأ النيابة زبورها؟!
لم أكن في وارد الحديث عن ملف منشور أمام القضاء حرصا على حفظ سرية التحقيق، و اكتفاء بالبيانات الرصينة و الموقف المتين الذي صدر عن النقيب و جميع أعضاء المجلس و العمداء و الزملاء الغر الميامين، و المدونين المستنيرين الواقفين دوما مع القضايا العادلة، لكن الأحداث الأخيرة استدعت وضع هوامش سريعة:
١- أسد علي و في الحرب نعامة!
إن حماس النيابة العامة للإجهاز على حصانة المحامي لم نستشعر نزرا منه في البحث عن أموال الضحية، و هي بالمناسبة ( النيابة العامة) الخصم النبيل الحريص على أرواح الأشخاص و ممتلكاتهم!
و مع ذلك وضعت إشعار قاضي التحقيق بوقائع جديدة في الدرج و وقف الحمار فوق العقبة حين تعلق الأمر بنزع ضبطية، مجرد ضبطية ! و تقيم الدنيا و لا تقعدها حين يتشبث المحامون بحصانتهم! التي تعد هذه أول أيام تكريسها بعد أن نلناها مجالدة بصريح و صحيح المادة:44 من قانون المحاماة.
٢- السر المهني
الأمن بطبعه شغوف بالفضول ومعرفة تفاصيل كل أمر، و التفاصيل بطبيعتها سكنى الشيطان،لكن الدخول في تلافيف علاقة المحامي بزبنائه متعذر بصريح المادة:51 من قانون المحاماة.
٣- الدعوى على صالح!
الدعوى على صالح عند الفقهاء يعزر صاحبها.
و يبدو أن دعوى إسلم محمد موسى ابن القتيل قدمت ضد صالح يعزر صاحبها حتى و لو كانت معززة باعترافات المتهم الموثقة في محاضر التحقيق و إشعار قاضي التحقيق، لكنه صلاح شبيه بصلاح الصالح “جان جنيت “ الذي كان يسرق رغيف الخبز! و مع ذلك أصر جانبول سارتر على أن يخصص له كتابا كاملا عنوانه” الصالح جان جينيت “.
٤- اختطاف الملف
فات النيابة العامة أن الوقائع التي طفقت تمارس الدعوى بشأنها موضوع إشعار أصدره قاضي التحقيق و كان عليها – إن كانت جادة في التحقيق – أن تقدم طلباتها و تعهّد قاضي التحقيق في وقائع “الرشوة و إخفاء المسروق” المثارة أمامه،لأن النيابة تعهّد لأبسط شبهة، فهي دوما مدينة بمتهم كما يقال.
واندفاعها في شكاية من هم موضوع إشعار إعلان صريح بأنهم فوق المساءلة!
٥- وضع العربة أمام الحصان
المسألة الأولية في الملف الآن الإجابة على إشكال جوهري أين أموال القتيل التي هي الدافع للقتل؟
من مفارقات الحياة العجيبة أن آخر من التقى القتيل هو قاتله، فهو آخر سلام أسلم فيه الفقيد الروح لباريها.
و قد صرّح بمن آلت إليهم كل باسمه و جميل وسمه “ گلعهم بالماره”. و أثبت ذلك في محضر رسمي.
و عوضا عن التوجه إليهم طفقت النيابة تستحث الخطى نحو مناشدة ابن القتيل رئيس الجمهورية و وزير العدل إنصافه، فهو من وُجد السجن لأمثاله، فلا ضير في سجن ابن القتيل مع قاتلي أبيه! ففي السجن متسع لجمع تناقضات تجود بها أيدي الزمان.
المحامي: د. معمر محمد سالم