مع ورش من جديد/الهيبة الشيخ سيداتي

هذه هي المرة الثالثة التي أكتب فيها على هذه الصفحة عن معهد ورش. ويؤسفني أن تكون كلها بمناسبة استهداف رسمي أو خاص لهذا المعهد الرائع المتميز في نشر وخدمة كتاب الله، تقبل الله منا ومن القائمين عليه صالح الأعمال.

كانت المرة الأولى حين تلقيت اتصالا من إحدى قرى مقاطعتي يبلغ عن وصول فرقة من الدرك مكلفة بإغلاق إحدى المحاظر المرتبطة بالمعهد، ذات قرار “متسلط” بالتضييق عليه؛ حينها خاطب أحد وجهاء تلك القرية فرقة الدرك قائلا: الدارسون في المحظرة أبناؤنا، والمدرس شاب مجاز في القرآن من أبناء القرية، والراتب الذي يتقاضاه نحن من يدفعه من جيوبنا، على قلة ما فيها، رغبة منا في بركات القرآن؛ وورش الذي تتحدثون عنه فكرة يسرت لنا طريقة فريدة لتحفيظ أبنائنا القرآن ويتولى عنا القائمون عليه الإشراف والتأطير وتشجيع المدرسين. فماذا أنتم مغلقون؟! محظرتنا ستستمر بهذه الطريقة الواضحة أمامكم، ندفع من جيوبنا لتحفيظ ابنائنا، فلتأتونا ببديل أو لتتركونا!

تحضرني هذه الحادثة وهذا الموقف الناصع لذلك الشيخ المسن كلما سمعت عن نشاط يتوج نجاحا من نجاحات معهد ورش المتجددة التي ما فتئ اسمه يسمو بها ويرتقي في مدارج الفضل مرفوعا بارتباطه بخدمة كتاب الله.

معهد ورش فكرة فريدة تقوم على ركيزتين: أولاهما حق الأهالي كل الأهالي في تدريس أبنائهم وتمكينهم من بديل تعليمي يخرجهم من دوامة الجهل والعجز؛
أما ثانيتهما فهي الاهتمام بالفئات المسبوقة تعليميا. وقد بورك جهده في هذا المجال فنجح وأينعت ثماره. وقد أشاد مشايخ القرآن في العالم الإسلامي بأداء طلاب آدوابه لبراكنه من خريجي معهد ورش العام الماضي عبر مسابقة دولية، كما تصدر طلابه المسابقات الوطنية في حفظ القرآن. وخلال شهر رمضان الماضي صلى المئات من أبناء آدوابه ولكصور، على امتداد التراب الوطني، التراويح خلف أبنائهم دون أن يحتاجوا أئمة وافدين ليتجنبوا تعطيل التراويح.

ورش عمل صالح إيجابي مثمر، يشرف الآن على تأطير مئات المحاظر في جميع ولايات الوطن، أحيا حفظ كتاب الله وحبب إلى الأهالي البذل فيه، ووفر فرص عمل لآلاف من حفظة كتاب الله، وعرف الناس بقيمتهم وأعاد لهم مكانتهم.

يتعرض معهد ورش والقائمون عليه من حين لآخر لحملات من جهات متعددة أكثرها عددا فئتان: سلبيون قعدت بهم هممهم واستهوتهم عادة (توخاظ الاصباع من أي عمل ناجح)، وخصوم للإسلاميين يرون في اهتمام الناس بالقرآن مكسبا للإسلاميين دون غيرهم حتى لو كان أبرز القائمين على هذا المعهد نوابا وقيادات في الحزب الحاكم.

هنيئا لورش هذا التميز، وهنيئا للقائمين عليه هذا القبول المجتمعي، وهنيئا لهم قبل كل شيء هذا التوفيق لخدمة كتاب الله، جعلنا الله وإياهم من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته.
وإنما حال شانئيهم معهم كما قال أبو الأسود الدؤلي:
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه
فالكل أعداء له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها
حسدا وبغضا إنه لدميم
أو كما قال الحطيئة:
أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم
من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى