الشيخ ولد بايه: من أمواج البحر إلى أمواج السياسة
(موقع الجنوبية) رئيس البرلمان الموريتاني السابق: الشيخ ولد أحمد ولد بايه، يوصف بأنه: قوي في مواقفه، صلب في تسييره صلابة جبال تيرس، عفوي في تعامله عفوية سكان الشمال، مع بساطة وطرافة غير متكلفة.
ذات يوم من أيام دجمبر 1954م، رزق الموظف بشركة الصناعة والمعادن ” اسنيم” أحمد ولد بايه ابنا، أسماه الشيخ، سيكون له شان في عالم العسكرية، وعوالم السياسة.
التحق بالإبتدائية 1962 – 1968، و الإعدادية 1963 و 1972، ليكمل تعليمه الثانوى فى الفترة مابين 1973 و1976 متوجا مساره التعليمي في هذه المرحلة ب البكالوريا العلمية المزدوجة .
شيخ البحــــــر…
تولى ولد بايه ـ الحاصل على شهادة المتريز فى علوم البحار (شهادة ضابط فى السلك الطويل) من الأكاديمية الملكية فى مكناس ـ سنة 1984،قيادة أركان البحرية الوطنية سنة واحدة مابين 2003 و2004، لتبدأ علاقته الوطيدة بالبحر، حيث انتقل إلى رئاسة المندوبية البحرية الموريتانية مدة خمس سنوات من 2005 حتى 2010م التي عهد إليها بتأمين الثروة السمكية ومراقبة الشواطئ الموريتانية آنذاك، قبل أن يتقرر تحويل المندوبية إلى جهاز خفر السواحل بموريتانيا.
واستمرت علاقة الشيخ بالبحر ومشتقاته، حيث عين مستشارا لوزير الصيد مكلفا بقيادة اللجنة العليا المكلفة بالتفاوض مع الأوربيين من : 2010 إلى2018، حيث كان مفاوضا قويا انتزع من بين مخالب الأوربيين مكتسبات هامة للاقتصاد الوطني، عبر جولات ساخنة، في نواكشوط وابروكسل.
يصف ول بايه مفاوضته مع الأوروبيين ب” الاحترافية” المبنية على أساس معطيات علمية غير قابلة للطعن، إضافة إلى التعامل بندية مع الشركاء.
ويرى ولد بايه ، بأن اتفاقية الصيد تعود بالنفع العميم على المواطنيين ، ليس فقط في العائد المالي للاتفاقية، ومساهمتها في امتصاص البطالة، باكتتاب 60% من العمالة الموجودة على ظهر السفن من الموريتانيين، بإلزام الاوروبيين وإنما في الآثار الجانبية لها من خلال نسبة 2% المقتطعة من الصيد السطحي، والتي وتوزع على المحتاجين في الأحياء الشعبية في كل شبر من البلاد، عبر الشركة الوطنية للأسماك.
ولم تخل فترة الرجل على رأس المندوبية الجهوية للصيد من مطبات، وأصوات معارضة لنهجه، مخالفة لأسلوبه في تدبير الأمور، الشيء الذي يعيده مناصروه إلى محاولته إصلاح ما أفسد الدهر في قطاع عشعش فيه الفساد، وباض وفرخ.
ويرى مناصرو الشيخ، أن خريطة معارضيه تشمل فقط من تضررت مصالحهم من مساعي الإصلاح التي يقودها،أو من يصف هو نفسه ب ” النفوس الشريرة الذين يحاولون دائما التشويش على من يعتقدون أنه القطعة الرئيسة في المسار الذي يريدون تعطيله ” .
ويعدد المتابعون لفترة قيادة الشيخ لمندوبية الصيد إنجازات عديدة منها : مرتنة القطاع بنسب كبيرة، وإرغام الأوربيين على تفريغ حمولتهم في الموانئ الموريتانية،وإلزامهم بتخصيص نسبة 60% من العاملين على ظهر سفنهم للموريتانيين، والانتقال من بيع رخص الصيد إلى بيع الكميات المصطادة.
بين أمواج السياسية
دخل الشيخ السياسة من بوابة المجموعات المحلية، حيث انتخب عمدة لبلدية ازويرات عن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية(حزب الإنصاف حاليا) 2013 فرئيسا لرابطة العمد الموريتانيين.
2018 أنتخب نائبا في البرلمان عن مقاطعة أزويرات و رئيسا للجمعية الوطنية بموريتانيا.
من مبنى البرلمان سطع نجمه في عالم السياسة، فأدار تناقضات البرلمانيين باقتدار، وكسب ود الجميع – وفق مراقبين – فيما نالت ردوده العفوية على من يوصفون بمشاغبي البرلمان حظا كبيرا من الجماهيرية.
كان ولد بايه الذراع اليمنى للرئيس السابق: محمد ولد عبد العزيز، غير أن علاقته به كانت علاقة ندية وصداقة، حيث ظل محافظا على استقلاله الشخصي، فلم ينسق وراء دعوات المطالبين بمأمورية ثالثة للرئيس.
يقول مناصرو الرجل: إن له يدا حانية على الفقراء، وأيادي بيضاء ممدودة بالخير لهم، خصوصا في موطنه الأصلي، ويمثلون لذلك بفترة توليه رئاسة مجلس إدارة شركة الأمن الخاص التي بذل من خلالها جهودا كبيرة لصالح متقاعدي القوات المسلحة.
معارضو الرجل يتهمونه بالإثراء غير المشروع فترة قيادته ملف المفاوضات بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي، ويقولون إنه شهد على نفسه بذلك في خطابه الشهير( املات الدولة وامتليت آن) ما جعلهم يلقبونه –تهكما – حفتر الشمال .
وداع البرلمان
كانت رسالته التوديعية للنواب معبرة عن شخصيته إلى حد بعيد – وفق متابعين – حيث جاء فيها:
“إن استرجاعي لذكريات تلك المحطات المفصلية يشعرني بالفخر والاعتزاز بالتعرف عليكم وبزمالة كل فرد منكم، أغلبية ومعارضة، علاوة على كونه يعزز قناعتي بقدرة طبقتنا السياسية على تذليل كل الصعاب التي قد تعترض الوطن وعلى عبور كل المطبّات بثقة وأمان”
وأضاف:” ونظرا لتعذر اجتماعنا بشكل مباشر خارج أوقات الدورات البرلمانية، فإنني أود، من خلال هذه الرسالة، أن أوجه شكري وعرفاني بالجميل لكم جميعا، راجيا لكم التوفيق في المقبل من محطات مساراتكم، سواء من سيواصل منكم تحمل مسؤولية تمثيل الشعب أو من سيتفرغ لخدمة الوطن من موقع آخر”.
بهذه الكلمات يختم ولد بايه مساره البرلماني، ويلملم أغراضه ليختفي من المشهد، ولو إلى حين.
موقع الجنوبية