النائب ولد سيد مولود يكتب: هجرة أم لجوء؟!
ليست المشكلة عندي في مبدأ الهجرة، فأنا ابن أسرة مهاجرة وقد هاجر جميع إخوتي إلى كل القارات، وهاجرت شخصيا قبل بلوغ العشرين، وتنقلتُ من وگاف في افريقيا إلى موظف في الخليج ثم صحفي السنغال الخ خلال فترات متقطعة امتدت بين 1998 و2017، أرغمتي فيها ظروفي المادية على المواءمة بين سلسلة هجرات والحرص على العودة للوطن للدراسة بشكل متقطع.
لكن هنالك ملاحظات في مسألة تدفق الهجرة الشبابية خلال السنوات الأخيرة وخاصة السنة الماضية وهذه السنة وخصوصا صوب الولايات المتحدة:
_ حجم الهجرة عدديا في ظرف زماني قصير غير مسبوق، وكأن شبابنا نازح من حرب أهلية، وذلك بسبب فشل السياسات التنموية للانظمة المتعاقبة وخاصة النظام الحالي بنسختيه “العشرية” و”الإجماعية” فهذا الشباب بلغ ونضج في ظل هذا النظام، ورغم تضاعف الميزانيات تضاعفَ الفقر والحاجة وهجرة الشباب، وذلك بسبب حجم نزيف المال العام في جيوب الفاسدين ولا مركزية الفساد بشكل هستيري.
_ مرارة هجرة مواطنين من بلد له إمكانات كبيرة، ليس بسبب فقر البلد، بل بسبب نهب ثلة قليلة لثرواته واختزال الفرص في لوبيات متوارثة متشابكة، فهذا أمر موجع.
_ هجرة الكفاءات، فمن بين المهاجرين ومن سيهاجرون كفاءات عالية في ميادين مهمة للبلد، ومن الاستراتيجي المحافظة عليهم ولو لم يكونوا مواطنين. لكن الأولوية لم تمنح لهم فقد طغت معايير الزبونية القبلية والاسرية على التعيينات بدل الكفاءة وسيدفع البلد كله ثمن ذلك.
_ أخيرا، من المحزن عدم إدراك المجتمع، وخاصة النخبة الشبابية هذا الخطر إدراكا يولد طاقات إيجابية تسعى للتغيير الجاد بشكل واع وناضج وصلب ضمن ثنائية المتاح والمباح.