طالب حول عزلته في فترة الحجر الى عمل مدر للدخل/حنان أحمد الولي

جائحة كوفيد-١٩، اكتشاف للذات لدى البعض، و أغلب نجاحات الإنسان وليدة الصعاب والأزمات.

وجد فاضيلي وهو طالب في بقسم الإنجليزية في كلية الآداب جامعة نواكشوط نفسه في عزلة تامة بعد أن توقفت الدراسة وأعلنت الإجراءات الحكومية لمواجهة كوفيد 19.
منذ أن وطئت أقدامه مدينة انواكشوط قبل ثلاث سنوات، قادما من مدينة النعمة في ولاية الحوض الشرقي لم يعُد فاضيلي الى مسقط رأسه ولم يرى أهله تعود أن يمضي يومه في الجامعة مابين الفصول والمكتبة والمطعم الجامعي، لا يعود لغرفته المؤجرة إلا مساء لينعم بقسط من النوم.
بعد مرور أيام طويلة على الإغلاق خطرت له فكرة وقرر الشروع في تنفيذها مباشرة، كان زملائه من تخصصات أخرى يطلبون منه ترجمة كتب أو روايات من الإنجليزية للعربية لكنه لم يكن يستطيع التلبية نظرًا لضيق الوقت رغم مايجده من متعة وفائدة فيها.
يقول فاضيلي، كانت الفكرة بالنسبة لي أنّ ما سببه وباء كورونا من حجر يجب أن يكون سببا في اكتشاف الذات وإظهار المكنونات وكشف المهارات، وإنَّي لست بأقل من غيري، وهذه الفرصة التي سنحت للجلوس في البيوت وشلت حركة الحياة لابد أن أعكسها بشكل إيجابي وفعَال”.
“طيلة مكثي في البيت كنت أفكر، ما هو هدفي في الحياة، وما فائدة دراستي وكيف أكون رقماً إيجابياً.
أول رواية بدأت بها كانت رواية قصيرة طلب مني زميل لي ترجمتها له من قبل، كان الأمر صعبا ومحبطا في البداية فقد كانت كل جملة تأخذ وقتا طويلًا.
تحليت بالعزيمة والإصرار وأعطاني الاحساس بالنصر حين انتهيت من ترجمة أول رواية دفعة للأمام فبادرت بالثانية والثالثة وكنت في كل مرة أترجم رواية أطول.
عرضت ترجمة إحدى الروايات على صفحتي على الفيسبوك فلاقت تجاوبا من أصدقائي وقاموا بمشاركتها على المستوى الجامعي، تفاجئت في اليوم التالي بطلبات على المسنجر وأسئلة حول المقابل المادي للترجمة، ومن هنا بدأ العمل الفعلي. بعد فترة أحسست بالحاجة للمساعدة فعرضت الفكرة على زملائي المتميزين في نفس الفصل فوافقوا على الفور، لقد كان الكل يعاني من الملل والحاجة للدخل، أقل من شهرين كنت أعمل ضمن فريق من عشر طلاب نترجم ونحرر، نطبع ونرسل، ونتقاسم الأرباح”.

أحمد سالم سيدي عضو جمعية شباب الغد التطوعية يقول إن الكتابة والمطالعة والعمل التطوعي والعمل الخيري كلها أمور تثري رصيد الانسان وتكون لديه العديد من الخصال الحميدة كالصبر والتواضع والتعود على العمل المشترك”.

الأستاذ الجامعي الدكتور حبيب الله الخضر يقول إن جائحة كوفيد خلقت الكثير من الأزمات ومن المعروف أن الأزمات والمواقف الصعبة تولد الفرص والإبداع، وجائحة كوفيد-١٩ ليست استثناءً فقد ساهمت بشكل كبير في إحياء الساحة الثقافية وأعادت للواحة الثقافية رونقها بعدما كادت تذبل، ذلك أن الكثير من الناس كانوا لايجدون فرصًا للقراءة والتأليف ولما تفاقمت الجائحة وتقرر الإغلاق وجدوا أنفسهم في فسحة كبيرة من الوقت، ووجدوا فرصا للقراءة والمطالعة والكتابة”.
ويضيف “نجد أن أزمة الحضر والمدن بشكل عام هي أزمة عدم وجود الوقت، وجائحة كوفيد 19 وما فرضته على الناس في تحركاتهم وفي الذهاب الى أماكن عملهم، كانت في المقابل فرصة لينعموا بالوقت الكافي لمزاولة ماكان صعبًا من قبل لضيق الوقت” “وعمومًا فإن جائحة كوفيد بشكل عام أتاحت للكثير من الناس الرجوع إلى هواياتهم، فقد ازدهر مجال الكتابة بشكل عام، وتصاعد معدل التأليف والنشر عالميًا. توظيف الوقت في ماينفع الناس ويمكث في الأرض من الأمور الجديرة بالتقدير خاصة بين صفوف الشباب الذين لديهم من أدوات الإلهاء مايشغل اوقاتهم بغير استفادة”.

تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى