لكن هل يمكن لبيرام أن يرفض المشاركة في الحوار؟
المدون: حسن امبيريك

في عالم السياسة، حيث الأوراق الرابحة تُلعب بحذر، والمناورات تُحسب بدقة، يبرز بيرام كشخصية استطاعت أن تستفيد من الظروف المحيطة بذكاء لتعزيز موقفها. فبعد أن أقصي من نادي المقربين بعد أن كان يردد “أنا اجبرت صاحبي”، وجد نفسه في مواجهة نظام ولد الغزواني، لكن بيرام لم يكن ليقف مكتوف الأيدي. لقد استغل ببراعة “مظلمة ولد عبد العزيز”، وهي قضية أثارت اهتمامًا واسعًا في الأوساط السياسية والاجتماعية، كورقة ضغط ضد النظام الحالي فقد استغلها سابقا للضغط على السلطة من أجل تزكيته للترشح للرئاسيات.
“المظلمة” التي تحمل في طياتها شحنات سياسية واجتماعية قوية، أصبحت أداة فعالة في يد بيرام لزعزعة استقرار النظام وإثارة التساؤلات حول شرعيته. لكن المفارقة تكمن في أن هذه الورقة، التي بدت وكأنها سلاحٌ قوي، قد عكست نتائج غير متوقعة عندما وجه غزواني دعوة إلى بيرام للمشاركة في الحوار السياسي المرتقب. هذا الطلب، الذي يُعتبر خطوة دبلوماسية ذكية من غزواني، وضع بيرام في موقف محير: هل يبقى متمسكًا بورقة الضغط التي يمتلكها، أم أن إكراهات السياسة ستفرض عليه التكيف مع الواقع الجديد؟
السياسة، كما يعرفها كل من خاض غمارها، ليست ساحة للثبات على المواقف، بل هي فن الممكن. فبيرام، رغم ما يمتلكه من أوراق قوية، يدرك أن التمسك الشديد بموقف واحد قد يؤدي إلى عزلته السياسية. وفي الوقت نفسه، فإن قبول دعوة غزواني قد تفهم على أنها تنازل أو تراجع، مما قد يؤثر على صورته كمعارض قوي.
لكن هل يمكن لبيرام أن يرفض المشاركة في الحوار؟ هنا تظهر إكراهات السياسة بكل وضوح. ففي عالم تتشابك فيه المصالح وتتداخل التحالفات، قد يكون الحوار فرصة لبيرام لتعزيز موقفه التفاوضي، أو حتى لفتح أبواب جديدة أمامه. السياسة لا تعترف بالثوابت المطلقة، بل هي لعبة مرنة تتطلب من اللاعبين أن يكونوا مستعدين للتكيف مع المتغيرات.
في النهاية، القرار يعود إلى بيرام وحده. هل سيظل متمسكًا بورقة الضغط التي يمتلكها، أم أن إكراهات السياسة ستفرض عليه أن يلعب دورًا أكثر مرونة؟ ما هو مؤكد أن السياسة في موريتانيا، كما في أي مكان آخر، ستظل ساحة للصراعات والمفاوضات، حيث لا مكان للضعفاء، ولا رحمة لمن يخطئ في حساب خطوته التالية.