باحثون: التلال المرجانية الموريتانية هي الأطول في العالم

قال الباحث الموريتاني في المعهد المورياني لبحوث المحيطات والصيد، إن بعض الباحثين اكتشف أن التلال المرجانية الموريتانية هي الأطول في العالم حتى الآن، حيث تمتد على أكثر من 400 كلم على عمق يتراوح بين 450 إلى 550 مترا وبارتفاع يصل أحيانا إلى 100 متر.
وحسب هذه الدراسات، توجد التلال المرجانية اليوم في حالة غير نشطة؛ إذ يقدّر العلماء أن نموها، الذي امتد على مدى 120 ألف سنة مضت، توقف على الأقل خلال 11 ألف سنة الأخيرة

جاء ذلك في تدوينة للباحث عقب انتهاء  الحملة العلمية على متن سفينة أبحاث المحيطات الألمانية Maria S. Merian، والتي استمرت أكثر من شهر لدراسة التلال المرجانية في المياه الموريتانية العميقة، وقد شاركت في هذه الحملة ممثلا للمعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد ودارسا لهذا الموضوع.

وهذا نص التدويتة العلمية التي نشرها الباحث حمود:.

انتهت أمس بحمد الله وتوفيقه في ميناء لاس بالماس الحملة العلمية على متن سفينة أبحاث المحيطات الألمانية Maria S. Merian، والتي استمرت أكثر من شهر لدراسة التلال المرجانية في المياه الموريتانية العميقة، وقد شاركت في هذه الحملة ممثلا للمعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد ودارسا لهذا الموضوع.

كان هدف الحملة العلمية هو مساءلة الرّواسب البحرية وما تحتضن من كائنات حيّة احفورية عن الماضي السّحيق للتلال المرجانية؛
عن عمرها؟
كيف تكونت على مدى آلاف السنين؟
ما العوامل المحيطية (درجة الحرارة والملوحة، والأكسجين المذاب، المغذيات، والتيارات البحرية … ) التي أدّت إلى ازدهارها في غابر الأزمان؟

يتم ذلك من خلال أخذ عينات من المياه العميقة والرواسب البحرية وهياكل الشعاب المرجانية وكائنات بحرية أخرى حية وميتة، وذلك باستخدام أجهزة متنوعة منها آلة حفر متطورة (MeBo 70) تعمل من خلال الروبوتات ويمكن أن تحمل معها عينات من الرّواسب بعمق 70 مترا، وهو عمق هائل في هذا المجال؛ ذلك باعتبار أنّ كل بضعة سنتيمرات من هذه العينات يمكن أن تكشف عن ماضي آلاف السنين من الحياة البحرية الغابرة!

إن زملاءنا من الباحثين العلميين الألمان -كما أمزح معهم- مولعون بجيولوجيا المحيطات أكثر من غيرها من علوم المحيطات، وهم رائدون حقا في هذا المجال، وبالخصوص ما تعلق منه بمساءلة الرواسب البحرية والسفر من خلالها إلى الزمن البعيد للوقوف على ماضي الحياة البحرية وما كانت تضجّ به أعماق البحار من تنوع بيولوجي هائل، ولكنه في الحقيقة ليس مجرد سفر للزمن المحيطي الغابر، إنما الهدف من كل ذلك هو بناء “نموذج تفسيري” متماسك لتوقع المستقبل القريب للمحيطات وكيف يمكن استعادة ذلك التنوع الهائل، ولو جزئيا، وهي بطبيعة الحالة أسئلة مدهشة ومهمة نبيلة في غاياتها؛ فبالعودة للماضي البعيد جدا يمكن تصور أنه كانت هناك “غابة” كثيفة من الشعاب المرجانية في المياه البحرية العميقة، من رأس تيميرس إلى الحدود مع السنغال، تحتضن تنوعا هائلا من الكائنات البحرية؛ كالأسماك والقشريات والرخويات والشوكيات والإسفنجيات وغير ذلك من الأصناف، تعيش في سلام وأمان لم تتضرر فيه من إفساد الإنسان في البر والبحر.

تم أول مرة ذكر وجود سلسلة التلال المرجانية في المياه الباردة العميقة في موريتانيا في مقال علمي للباحث الأسترالي كولمان سنة 2005، وذلك من خلال تحليله لمعطيات حملات المسح الزلزالي لشركة “وود سايد” التي كانت تنشط في التنقيب عن النفط في عمق البحر الموريتاني، ثم توالت من بعد ذلك الرحلات العلمية في المياه الموريتانية العميقة على متن سفن البحث الإسبانية والألمانية والنرويجية لدراسة هذه التلال.

والتلال المرجانية في المياه الباردة العميقة هي تكوينات من الرواسب البحرية والشعاب المرجانية نمت على مدى آلاف السنين وتوفر بنيتها ثلاثية الأبعاد موئلا للعديد من الأنواع البحرية للنمو والتكاثر والاحتماء من المفترسات وسطوة التيارات البحرية الهائجة في عمق المحيط البهيم.

و تعدّ التلال المرجانية الموريتانية حسب بعض الباحثين الأطول في العالم التي تم اكتشافها حتى الآن، حيث تمتد على أكثر من 400 كلم على عمق يتراوح بين 450 إلى 550 مترا وبارتفاع يصل أحيانا إلى 100 متر.
وحسب هذه الدرسات، توجد التلال المرجانية اليوم في حالة غير نشطة؛ إذ يقدّر العلماء أن نموها، الذي امتد على مدى 120 ألف سنة مضت، توقف على الأقل خلال 11 ألف سنة الأخيرة، ولكننا في السنوات الأخيرة اكتشفنا على متن سفينة الأبحاث النرويجية “فريدجوف نانسن” بعض الشعاب المرجانية الحيّة المحدودة شمال الرأس الأبيض وعلى الحدود مع السنغال، تبدو في صحة جيدة، وتعيش في ظروف بيئية تتميز بسيادة ما يعرف بمنطقة الحد الأدنى من الأكسجين oxygen minimum zone (OMZ) حيث يصل الأكسجين المذاب في الماء أدنى نسبة له وهو ما ما يرمي بالعديد من الأسئلة حول كيف تأقلمت هذه الشعاب المرجانية مع هذه الظروف الصعبة، خصوصا أن نسبة الأكسجين فيها تقل جدا عن الحد الأدنى المعروف أصلا لنمو هذه الشعاب؟

تواجه التلال المرجانية والشعاب الحية في موريتانيا العديد من التحديات منها ماهو عالمي؛ كالتغير المناخي (تحمض المحيطات، ارتفاع درجة الحرارة … ) ومنها ما هو محلي؛ كالصيد الكثيف بأدوات الجر في المياه العميقة حيث تتواجد هذه الشعاب، وكذلك أنشطة التنقيب عن الغاز والنفط المنتشرة في كامل المياه البحرية الموريتانية، هذا بالإضافة إلى مشاكل التلوث وغيره، وهو ما يؤثر بطبيعة الحال على هذه الشعاب ومن ثم على كامل التنوع الأحيائي في المياه البحرية الموريتانية.

ختاما؛
يبقى البحر، خصوصا مياهه المظلمة العميقة، مجالا خصبا للأبحاث، حيث يقول أحد العلماء إن البشرية اليوم تعرف عن سطح القمر أكثر مما تعرف عن أعماق المحيطات!
ويوما بعد يوم يكشف قاع المحيط عن تنوع أحيائي مدهش، فمن كان يمكن أن يتخيل وجود هذه الشعاب، وهي كائنات بحرية لطيفة، غاية في الجمال، زاهية الألوان، عندما تشاهدها تحسبها لوحة رسمها فنان مبدع في أعماق المحيط! مع ذلك تعيش في قاع البحر المظلم، ثابتة على القاع لا تتحرك، تنتظر أن تحمل إليها التيارات البحرية غذاءها لتلتقطه بمجسّاتها الضئيلة وتعيش على هذا الحال آلاف السنين في ليل البحر الطويل! فسبحان من هذا خلقه.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى