تفاصيل هامة عن لجنة الأهلة وطريقة عملها
د. سيد أحمد الخليل/عضو اللجنة
في طريقي إلى اجتماع اللجنة؛ وبعد ساعتين تقريبا ستتجه أنظار الناس إلى لجنة الأهلة انتظارا لقرارها بشأن رؤية شهر شوال؛ وكالعادة ستتعرض اللجنة لكثير من الإساءة والسخرية و”تدخال لصباع” من بعض رواد هذا الفضاء الذي تعتبر السخرية والإساءة من أبرز بضائع أغلب منتسبيه.
وبما أنني عضو في هذه اللجنة فقد مكنني ذلك من الاطلاع على عملها وحيثيات بحثها في تحري الهلال؛ لذلك أضع هذه المعلومات للذين يثقون في هذه اللجنة تأكيدا لثقتهم؛ أما غيرهم فالكلام ليس موجها لهم لأنهم حكموا قبل التصور وصدقوا قبل البحث وأساؤوا قبل التبين.
وهذا تقرير عن اللجنة:
أولا الاسم:
اسمها “اللجنة الوطنية للأهلة” بدل الاسم القديم: “اللجنة المركزية لمراقبة الأهلة”.
ثانيا أعضاء اللجنة.
تتكون اللجنة من بعض الفقهاء وبعض المهتمين بعلم الفلك؛ والاعتماد على الرؤية البصرية؛ ورأي أهل الفلك للاستئناس لا للتأسيس فهو مؤكد لا مؤسس على لغة الأصوليين.
ثالثا عمل اللجنة.
تجتمع اللجنة كل شهر ولم يعد اجتماعها يقتصر على رمضان والفطر والعيد؛ وهذا الاجتماع كل شهر مكنها من الاهتمام بجميع شهور السنة وهو ما يعني مزيدا من الضبط والتحري.
وهذا ما جعل كل الناس لهم “اعتناء بأمره”.
رابعا كيفية البحث.
تعتمد اللجنة للبحث عن الهلال على الرؤية البصرية فتتحراه في مكان انعقادها في انواكشوط وربما بعثت لجنة منها خارجه إلى مرتفعات في بعض مدننا ثم تتصل بجميع الولايات عن طريق المديرين الجهويين للوزارة الوصية الذين يتصلون بأبرز أئمة المقاطعات والبلديات والقرى ثم بعد هذا يحصل الحكم برؤية الهلال أو بعدمها بعد التدقيق في المعلومات والشهادات.
خامسا مزيد التحري.
قد تضطر اللجنة لمزيد من التحري حين تؤدى الشهادة بارتباك أو يتبين لها عدم دقتها؛ ومن طريف ذلك أنه في رمضان الماضي اتصل علينا شخصان من انواكشوط مقاطعة تيارت بأنهما رأيا الهلال ولم نجد من يزكيهما ولم يذكره آنذاك غيرهما فارتأت اللجنة أن تبعث لهما سيارة تأتي بهما إلى مقر اللجنة فلما أتيا شكلنا لهما لجنة للتحقيق في شهادتهما وأتذكر أن أحدهما لما دققنا معه في الأسئلة قال: أنا شهادتي باطلة لأنني أعمل في بنك ربوي وبالتالي فعلا “ماني امقرش” والثاني قال أنا حديث عهد بإجراء عملية في العين “وانكد انعود ماني متمونك في الرؤية”.
فألغينا شهادتهما لما تبين لنا من عدم صحتها.
سادسا اعتماد اللجنة.
تعتمد اللجنة في الإثبات والنفي لرؤية الهلال على “ضمائرها” الإيمانية و”ظواهرها” الفقهية؛ وتدرك خطورة إثم من أوجب على الناس صوما لم يجب عليهم وعظيم ذنب من فطر الناس في شهر رمضان ؛ ولا أحد يتدخل لها في سير عملها إثباتا أو نفيا.
سابعا مكافئة اللجنة على رؤية الهلال.
من الجدير بالتنبيه أن اللجنة إذا رأت الهلال لا تزاد رواتبها ولا تعطى لها مكافئة؛ وإذا لم تره لا تنقص رواتبها ولا تطالها عقوبة.
فإذن لا فائدة لها شخصية في رؤية الهلال ولا مضرة تلحقها في عدمها.
ثامنا وقت جلوس اللجنة.
تجلس اللجنة عند الغروب فإذا ثبت الهلال عندها بالتواتر فإنها تعلنه فورا وإذا لم يثبت أو ثبت بما يقتضي ما يعضده فإنها تنتظر بعض الوقت؛ وربما وسعت الوقت في رمضان والفطر والعيد.
تاسعا هل اللجنة مصيبة في جميع عملها؟
الإصابة التي لا يشوبها خطأ من من خصائص المعصومين لذلك اللجنة لا تدعيها ولا تدعى لها؛ وإنما غاية أمرها أن يكون خطؤها ناتجا عن اجتهادها الذي تحاول فيه بلوغ الوسع وحينئذ لا تأثم ولا يأثم مقلدها لو وقع خطأ؛ ومن لطيف الفقه أن الحجاج إذا أخطؤوا في وقوف عرفة فوقفوا يوم العاشر فإن حجهم تام ولا تلزمهم الإعادة ولا إثم عليهم: “أو أخطأ الجم بعاشر فقط”.
عاشرا: هل تراعي اللجنة الرأي العام عند إصدار الحكم؟!
اللجنة لطابعها الفقهي والفني وبعدها عن السياسة بمفهومها الضيق لا تراعي الرأي العام ولا مزاج أهل الفيس بوك؛ وتدرك أنها لو وافق صومها صوم السعودية لقال بعض أهل الفيس هي تبع للسعودية ولا يمكن أن تخالفها؛ ولو خالف صومها صوم السعوية لقال بعضهم: العالم الإسلامي كله صائم باستثناء بلدنا حسبنا الله ونعم الوكيل!
لذلك تنطلق من مبدإ أن رضا الناس غاية لا تدرك؛ ورضا الله غاية لا تترك وأن أحكام الله “ما تعدل بيهم لخلاك ؤلا السياسة”.
ومن لطيف هذا أن بعض أعضاء اللجنة ذكر أمامها سخرية أهل الفيس من اللجنة وإساءتهم عليها فقال رئيس اللجنة محمد محمود ولد الغالي بعفويته المعهودة:
(يخوتي لا تحسدون ش من الحسنات إجين من شورهم أران لكم فاصلين).
تلك عشرة كاملة تبين عمل اللجنة واستقلالها وسير بحثها في تحري رؤية الهلال ومنطلقها الفقهي في إثبات ذلك أو نفيه.
فمن شاء فليصدق وليثق ومن شاء فليسخر وليسئ.
#ملحوظة:
الصورة من اجتماع اللجنة لتحري رمضان الماضي.