هل لروسيا يد طولى خفية في الانقلاب بالنيجر؟
محفوظ ولد السالك/باحث في الشأن الإفريقي
تعتبر النيجر ضمن بلدان غرب إفريقية أخرى “وفية” لفرنسا، رغم الاختراق الذي أحدثت روسيا في المنطقة، فالرئيس النيجري محمد بازوم منذ وصوله السلطة مطلع ابريل 2021، زار فرنسا أكثر مما زار أي بلد إفريقي، واستقبل في نيامي من المسؤولين
الفرنسيين، أكثر مما استقبل من المسؤولين الأفارقة.
كما أن النيجر في عهده – سيرا على نهج سلفه محمدو إيسوفو – ظلت عصية على تأثير موجات الاحتجاجات الشعبية في منطقة الساحل المناهضة لفرنسا، ففي أوج تلك التظاهرات صادق برلمان نيامي على نشر المزيد من القوات الفرنسية، رغم أن البلاد تحتضن في الأصل قاعدة عسكرية فرنسية.
بل أكثر من ذلك، ناصب بازوم العداء لمناهضي فرنسا، خصوصا عسكريي مالي، الذين أسسوا لبداية حقيقية لرفض الوجود الفرنسي في المنطقة، وكان كثيرا ما يوجه لهم انتقادات لاذعة، وقد بادلوه ذلك في خطاب مشهور للمتحدث باسم حكومة باماكو عبد الله مايغا أمام الأمم المتحدة.
لكن منذ أشهر، حدثت فجأة انفراجة في علاقات النيجر وجارتها الغربية، فزار مالي وفد عسكري رفيع بقيادة قائد الأركان حينها الجنرال ساليفو مودي، قبل أن يقيله بازوم لاحقا، ويعينه سفيرا للبلاد لدى الإمارات العربية المتحدة.
ثم توالت الزيارات، حيث زار باماكو بعد ذلك الوزير المنتدب لدى وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، وتباحث مع عدد من المسؤولين الماليين.
وواضح من خلال حجم الاهتمام الروسي بمالي، والدعم العسكري والغذائي الكبير الذي قدمت لها، ونشر عدد من عناصر مجموعة “فاغنر” على أراضيها، أن موسكو تريد من غويتا أن يكون عراب تغلغلها في المنطقة.
وقد نجح في ذلك في حالة بوركينا فاسو، التي طردت القوات الفرنسية، ووقعت اتفاقيات مع روسيا خلال زيارة سرية لرئيس وزرائها إلى موسكو، واليوم استقبل رئيسها إبراهيم تراوري في مقر إقامته بسانت بطرسبرغ، أزيد من 20 طالبا عسكريا بوركينيا يتكونون في روسيا.
فهل تكون روسيا، عن طريق عسكريي مالي والجسور التي امتدت مع نظرائهم النيجريين، وراء التخلص من بازوم وتحقيق اختراق روسي جديد في المنطقة؟
لا شيء مؤكد ولكن لا شيء مستبعد أيضا، في ظل تزامن المحاولة الانقلابية بالنيجر، مع القمة الروسية الإفريقية الثانية، التي يشارك فيها الرئيس المالي عاصيمي غويتا على رأس وفد من نحو 80 شخصا، وباتت روسيا وجهته الخارجية الأولى منذ تنصيبه رئيسا انتقاليا في يوليو 2021.