أمام المحكمة ول عبد العزيز يتحدث لمدة 3ساعات

افتتح القاضي الجلسة بالنداء باسم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وأجلسه أمامه مباشرة وخاطبه قائلا: “نواصل اليوم الاستنطاق حول التهم التي سبق أن أحطتم بها علما وأجبتم عنها إجابة عامة وسنواصل الاستنطاق حوا التهم. الأولى هي التهمة المتعلقة بتبديد ممتلكات الدولة العقارية”. وطلب منه الحديث عن صفقات بيع 7 مدارس قديمة ومقر سرايا الأمن والمرافقات وجزء مطل على شارع المختار ولد داداه من مدرسة الشرطة وجزء من هيئة المركب الأولومبي، إضافة للتلفزة الوطنية وأرض المطار القديم في إطار صفقة بنلء المطار الجديد
– بدأ الرئيس السابق إجابته بالقول: “أولا أتمسك بالمادة 93 من الدستور خاصة في شقها المتعلق بعدم اختصاص القضاء العادي بمحاكمتي والشق المتعلق بعدم إمكانية محاكمتي إلا بتهمة الخيانة العظمى، والمواد 24 و 13 و 10 من الدستور وما تتضمنه من حقوق وصلاحيات لرئيس الجمهورية”، مضيفا: “هذه التهم كلها ملفقة ولا أساس لها من الصحة بدليل أن الأمر يتعلق بمشاكل سياسية مع بعض الجهات ورجال الأعمال الذي تضرروا من وجودي في السلطة ومحاربتي للفساد وسبق لأحدهم أن حصل خلال 15 شهرا فقط على مبلغ 5,2 مليار أوقية قديمة نتيجة الفساد الذي كان مستشريا وكان يمنع الدولة من تمويل أي مشروع من مواردها الذاتية، أما الدليل الثاني على أن الملف ليست به دلائل ولا إثباتات؛ فهو أننا دخلنا وضعية سياسية تتعلق بالمرجعية وهي التي فجرت الموضوع، حيث أنشئت لجنة برلمانية وحين تأكدت اللجنة أن الدستور يمنع محاكمتي إلا بتهمة الخيانة العظمى بحثوا عن ملف مفضوح يتعلق ببيع جزيرة التيدرة كي يصلوا للتهمة لكن تبين أن الأمر غير دقيق أوقفوه وبدؤوا جمع بعض المشاريع واختاروا منها وباشروا التحقيق مع حوالي 300 شخص”. وأكد ولد عبد العزيز أن بعض الملفات تم إخراجها لاحقا بضغوط خارجية وخاصة ملفان ذكر منهما ملف صفقة شركة بولي هوندونغ الصينية التي قال إن النظام تعرض لتهديد صينيا بوقف التعامل مع موريتانيا مستقبلا إذا بقي ملفها ضمن الملفات
– شدد الرئيس السابق على أن المشاريع هي تنفيذ لخطط وبرامج حكومية ولا يمكن ربطها بشخص الرئيس لأنه ليس منفذا وإنما يتابع وهو مسؤول بحكم وظيفته عن كل ما يجري، موضحا أن الأمر يتعلق ببرنامج وطني يتدخل فيه الرئيس والوزراء ومهندسون ومواطنون ويمر عبر الجمعية الوطنية التي تصدر سنوياً قانونا للتسوية المالية وعبر لجان تمرير ورقابة الصفقات العمومية وكل المشاريع محكومة بالقوانين والمساطر
– تحدث الرئيس السابق عن أنه كان الوحيد من بين 300 شخص الذي سجن ظلما وعدوانا 8 أيام عند بداية تحريك الملف رغم أن اسمه لم يرد في تقارير لجنة التحقيق البرلمانية، مردفا: “سجنت قبل 48 ساعة من نيتي تنظيم مؤتمر صحفي وكنت الوحيد الذي سجن 6 أشهر و 8 أيام لا أرى فيها الشمس وهو ما لم يتم حتى مع الإرهابيين الذين قتلوا الناس هنا. بعد ذلك سجنت 8 أشهر داخل منزلي رفقة أفراد عائلتي وبينهم أطفال صغار ولم يكن أحد يستطيع الدخول علينا وهو أمر لم يسبق أن حصل في موريتانيا. صحيح أن خصوصيتي عن باقي المتهمين هي أنني أمارس السياسة” حسب تعبيره
– بخصوص صفقات المدارس، أكد الرئيس السابق أنها مرت عبر طرق قانونية وبعد أن تم إخراج هذه المدارس من الخريطة المدرسية وتم بيعها بصفة نزيهة وبالمزاد العلني وأعلن عن عملية البيع في التلفزيون طيلة 3 أشهر قبل البيع، مضيفا أن عملية البيع تمت تحت إشراف لجنة تضم ممثلين عن القضاء ومفتشين من المالية ويرأس إحداها المحافظ الحالي للبنك المركزي “محمد الأمين ولد الذهبي” المدير العام للخزينة حينها؛ ويرأس الأخرى مستشار الوزير الأول، وأضاف: “في صفقة بيع بلوكات أذكر أننا كنا نتوقع الحصول على أكثر من 6 مليار أوقية قديمة وحين اتضح لنا أن نسبة 4% إلى 5% (حوالي 500 مليون أوقية قديمة) تذهب للعدل المنفذ مقابل عمله ساعات فقط، توصلنا لتسوية معه يحصل بموجبها على مبلغ محدد أقل بكثير حفاظا على أموال الشعب الموريتاني. الأراضي كانت تمنح هنا مقابل 3 آلاف أوقية قديمة وتمنح لشيوخ القبائل وشيوخ لحجاب. أنا محمي وذكرتها سابقا لكني أجد نفسي مجبرا على الحديث لأن الشعب الموريتاني متعطش للسماع مني”
– أضاف الرئيس السابق: “من يعرف نواكشوط يعرف أن واجهة المدينة تغيرت وخاصة الشارع المقابل لقصر المؤتمرات حيث كان مجرد حائط والآن به عمارات وحصلت منه الدولة على مليارات الأوقية ووفر فرص عمل بعضها أثناء الأشغال وبعضها دائم ومستمر الآن مع عائدات ضريبية مستمرة. الدولة كرست فصل السلطات ولا يمكن للسلطة القضائية أن تقول للسلطة التنفيذية لماذا قمت بهذا أو لماذا تصرفتم هكذا!”
– فيما يتعلق ببيع المنطقة الصناعية في دار النعيم قال الرئيس السابق إن وزير المالية تيام جمبار لم يقدم بشأنها الإجابات الكافية، موضحا أن قرار إنشائها لم يكن لمصلحة شخص بعينه وأنه تم تقسيمها بواقع هكتارين هكتارين حيث يمنح وصل لكل مستفيد مستوفي المعايير مع أجل محدد للدفع وبعد الدفع يحدد له أجل للاستثمار كل ذلك تحت طائلة السحب النهائي. وأضاف أن المنطقة الصناعية “كانت تضم محطة كهربائية تنتج 50 ميغاوات من الطاقة الشمسية كي يمكن للمصانع أن تعمل، ولإعطائكم فكرة حين وصلت للسلطة كان نواكشوط كله يعتمد على 6 محطات تنتج 7 ميغاوات أي أنها مجتمعة كانت تنتج فقط 42 ميغاوات”. أضاف: “ما حصل هو أنه في عهدي أصبح شراء الأراضي ممكنا للجميع بشرط أن يدفعوا للدولة عكس ما كان قائما من منح الأراضي على أساس الصداقة والقرابة، وأتحدى أي شخص داخل هذه القاعة أو خارجها أن يثبت أنه تم منح أرض لمن لا يستحق أو خارج المصلحة العامة”
– سأله القاضي الرئيس السابق عن تصريح ولد بكرٍ بتلقيه أوامر منه بتسهيل مهمة أفراد سيقتطعون من مدرسة الشرطة وعن قول با عثمان إنه تلقى أوامر من الوزير الأول يحيى ولد حدمين، فأجاب: “هذا في إطار تسيير الدولة والحكامة، وما حصل هو أنني اتصلت به لإطلاعه كمدير للأمن واحتراما له بأن هناك أشخاصا سيقومون باقتطاع في مدرسة الشرطة وكان يمكن إبلاغه عبر وزارة الداخلية. الأشخاص الذين قدموا إليه ليس بينهم مستفيد ولا أحد يعرف لمن ستباع الأراضي لأنه حينها لم يتم تنظيم المزاد. فيما يتعلق بمنح الدولة أراضي بديلة للشرطة، الدولة غير ملزمة بذلك، لكن ضمن الرؤية الأمنية التي كانت لدينا منحنا الشرطة 4 هكتارات وتم تكوين أول عناصر مكافحة الإرهاب داخلها ولا أفهم سر قول ولد بكرٍ إنه لا يتذكر ذلك”. أردف قائلا: “خلال فترتي كرئيس لم أهدد أي شخص ولم تكن طبيعة تعاملي مع الأشخاص هكذا ولا أضغط على الوزراء، بالعكس كنت أناقشهم وأسأل كل واحد منهم عن قناعاته الخاصة وأقول لهم إنني لا أريد منهم أن يقولو لي ما علي فعله، بما في ذلك قضية المأمورية الثالثة؛ وهذا يعرفونه جميعاً”، “بعض الأشخاص في هذا الملف تعرضوا للضغوط واعتقلوا لدى الشرطة لتوقيع المحاضر وما قاله با عثمان في شهادته تنفيه المراسلات وزيارة الوزير الأول للمدارس التي بيعت وينفيه إخراج تلك المدارس بصفة قانونية من الخريطة المدرسية. نحن نتكلم فقط عن المدارس التي بيعت، لكن علينا أن نتكلم كذلك عن المدارس بنيت من مداخيل بيع أراضي تلك المدارس التي لا تصل 3 هكتار وبلغت عائدات بيعها 10,182,850 أوقية قديمة وبنيت منها 75 مدرسة موزعة بين 45 ابتدائية و 17 إعدادية و9 ثانويات امتياز. هذا عكس الاقتطاع الريفي الذي كان يتم في نواكشوط ويمنح على أسس معروفة ولم يسبق أن سجن عليه أي رئيس!”
– سأله القاضي هل تم بيع هذه الأراضي بناءً على دراسة، فأجاب: “هذا برنامج رئيس انتخب عليه من أجل مصلحة الشعب الموريتاني ولا ينبغي أن تسألوني عنه هنا. لم يكن هناك أي قرار اتخذ إلا بدافع المصلحة العامة، وحين أكون كرئيس سابق أسأل عن عملي وعن ممارستي لسلطاتي لا أعتقد أن الرئيس يمكنه أن يعمل أو يمارس مهامه. اتخِذت الكثير من القرارات الصعبة وكانت هناك بعض القرارات الهاطئة التي كلفت الدولة الموريتانية أموالا طائلة مثل اقتراض مبلغ 46 مليون أوقية من دولة أجنبية (ديون الكويت) وكلفتنا مليارات وتدخلا لدى تلك الدولة للإعفاء. الدستور يحمي الرئيس من السلطتين التشريعية والتنفيذية حتى لا يكون مقيد اليدين”
– سأله القاضي هل تمت المقارنة بين بيع الأراضي لخصوصيين أو بيعها لمؤسسات الدولة من ناحية المردودية، فرد بالقول: “من يفكر اقتصاديا يدرك أنه ليس هناك خياران أصلا لأن البيع من الدولة للدولة غير مفيد خاصة لنا نحن الذين نشجع القطاع الخاص لأن مؤسسات الدولة فاشلة في التسيير. قاطعه القاضي قائلا: “لكن هذا حدث فعلا وكمثال عليه بيع جزء من بلوكات لاسنيم”، رد الرئيس السابق بالقول: ” اسنيم ليست مؤسسة حكومية تماما، مع أن الأفضل والأمثل هو البيع لخصوصيين سيستثمرون ويخلقون فرص عمل ويدفعوا ضرائب. هل كان الشارع المقابل لقصر المؤتمرات سيكون بنفس الوضعية لو كان منح لمؤسسات الدولة؟!”
– سأله القاضي عن بيع بعض المدارس العتيقة التي تشكل ذاكرة لدى البعض ممن درسوا بها، فأجاب الرئيس السابق: “هذ ياسر امن الإنسانية حت”، رد القاضي ضاحكا: “الإنسانية أو الأخلاق” رد الرئيس السابق: “ذاك كامل… هناك مدن قديمة ضاعت نتيجة الإهمال وعدم الاهتمام ولد يتدخل أحد حتى عام 2010 فكيف بمدارس لم تعد تقدم أي شيء سوى أن أحدهم درس بها. المدينة تغيرت وهذه المدارس لم تعد في مناطق سكنية وبالتالي كان الأسلم بيعها وبناء مدارس أخرى قريبة من الناس”
– سأله القاضي عن استفادته وأقاربه من بيع هذه الأراضي وضرب مثلا بقطعة من أرض المركب الأولمبي، فأجاب الرئيس السابق: “آخر قطعة استفدت منها كانت عام 2003 وبعد التغيير عام 2005 اتصل بي وزير للمالية وأخبرني أنه قادم إلي وأعطاني 7 أو 8 قطع أرضية في تفرغ زينة، بقيت عندي دون حيازتها، وبعد التغيير الذي حدث عام 2008 تم تعيين مدير جديد للعقارات وأملاك الدولة فاستدعيته وسلمته القطع. فيما يتعلق بأهلي وأقاربي فهذا ممكن لكن بصفة نزيهة وقانونية لأنهم مواطنون موريتانيا، إلا إن كان الدستور يمنعهم حق ممارسة الأعمال أو التملك فهذا أمر آخر!. أنا مسؤول عن أطفالي الصغار  لكني لست مسؤولا عن البالغين وكنت أقول للوزراء وهنا اثنان من الوزراء الأول؛ إنه ليس لي أخ ولا قريب وسبق أن أقلت أحد أقاربي بعد 48 ساعة من تعيينه من طرف وزير أول ليس موجودا حالياً هنا، لأنه قريبي. بيع الأراضي إن تم بصفة غير قانونية يسأل عنه المشرفون على البيع وليس الرئيس”. قاطعه القاضي قائلا: “با عثمان قال إنه لم يشرك في عملية البيع”، رد الرئيس السابق: “على كل حال يجب أن نتفهم بعض ما قاله لأنه كان في وضعية متهم، هو وزير ضمن حكومة وكان عليه الاستقالة إذا رأى أنه حدث أمر مخالف للقانون. هذه المدارس كانت في واجهة الشوارع واشتكى منها حتى المعلمون، على سبيل المثال المدرسة المقابلة لفندق اطفيلة كانت مطلة على شارع يقابل فندقا به أجانب ومغطاة بالقصدير فارتأينا اقتطاع جزء منها موالي للشارع وإزاحتها عنه”
– سأله القاضي عن العمارة التي تحدث ولد غدة عن أنه بناها من ودائعه، فأجاب: ” العمارة لمن؟ راجعوا الوثائق التي لديكم، هذه العمارة ليست لي وإنما ساعدت في بنائها وهي تعود لإحدى بناتي تخرجت من جامعة فرنسية، كانت تريد استغلالها كمخبر ووثائقها القانونية موجودة وسلمية. لدي أقارب وأولاد ولهم الحق في الملكية، لكن هل بيعت لهم أراضي بسعر أخفض أو اشتكى منهم شخص أو طلبوا الوزير منحهم أراضي. ثم لماذا لا يسأل عن الشريط الموالي للملعب الأولمبي الذي اشترى منه كثيرون وأقيمت عليه فنادق. لو كنت أريد الشراء باسمي كمواطن موريتاني ولست رئيسا لفعلت، لأن ذلك قانوني”
– سأله القاضي عن 3 قطع أرضية آلت ملكيتها لابنه المرحوم أحمد عبد العزيز ضمن شراكة كانت بينه مع المتهم محمد الأمين ولد بوبات وتم تسجيلها بأثمان بعيد من أثمانها الأصلية، فأجاب: “هذا كلام محمد الأمين والموضوع يعنيه هو والمرحوم وموثق وقلت له حينها عندما جاء القدر، إنني مشغول عن مثل هذه القضايا. كانت بينهما حسب علمي شركة تسمى UPR وتم إفسادها عام 2020 ضمن هذه القضية السياسية، لكن الأمر لا يخصني، لكن دعني أقول لك إنه ليست هناك قطعة أرضية موثقة في موريتانيا بثمن بيعها الحقيقي”
– سأله القاضي عن تصريح با عثمان أمام المحكمة ضمن شهادته بأنه علم بقرار بيع المدارس في مجلس الوزراء وكأنه لم يكن وصيا على القطاع، فأجاب: “هذه قضية صلاحيات الرئيس والوزراء وقد تكون هناك دوافع أمنين لا يطلع عليها الجميع. قلت لكم إن دوافع بيع المدارس متعددة بينها البيداغوجي والأمني وبينها ما يتعلق بواجهة المدينة. هذه صلاحيات السلطة التنفيذية وعند المواصلة المواصلة في السؤال عنها لا أستبعد أن تسألوني لماذا دخلت قاعة الأمم المتحدة وبها سفير إسرائيل التي قطعنا معها علاقاتنا”. قاطعه القاضي قائلا: “القضاء لم يتدخل لكم حين كنتم تمارسون مهامكم والآن نحن في وضعية أخرى تعرفونها”، رد عليه الرئيس السابق: “أنا كذلك لم أتدخل يوما للقضاة ولم أتواصل معهم وكنت أحث الوزراء على عدم التدخل في مهام القضاة، وحين غادرت السلطة لا ينبغي أن أساءل لأنني محمي بالدستور”
– سأله القاضي هل تمت عمليات بيع المدارس في الداخل أم فقط في نواكشوط، فأجاب: “تم بيعها أساسا في نواكشوط بسبب قضية واجهة المدينة التي حدثتكم عنها، لكن في الداخل بيعت دور العدالة والمدارس ومنحت الأراضي من طرف الحكام، لكن ليس في فترة حكمي بل قبلها. على سبيل المثال منطقة بلوكات في نواكشوط التي بلغت مداخيل الدولة منها أكثر من 6 مليار أوقية قديمة، تم منح جزء منها لخصوصيين بالمجان ودفعنا 40 مليون أوقية وقطعتين أرضيتين لهم كي يقبلوا التنازل عنها”
– سأله القاضي عن بيع أراضي سرية المرافقات الأمنية والموسيقى العسكرية، فأجاب بأنها منطقة في وسط المدينة “بمحاذاتها دور سكنية تابعة لها وقمنا بإخلائها لأن بعض المنازل لم تكن صالحة للسكن والسرية أصبحت وسط زحمة المرور والأسواق ولم تعد قادرة على القيام بمهمتها فقمنا ببناء أماكن أفضل وبقي المكان لباعة أدوات البناء. كان ذلك ضمن قرار اتخذناه عام 2009 بتعميم علاوات السكن على كافة الموظفين لأن الإيجار من طرف الدولة كان مكلفا للغاية بسبب فواتير الصيانة والكهرباء والماء والإيجار لا يستفيد منه سوى النافذون، فألغينا كافة عقود الإيجار وجمعنا التكاليف وأضفنا لها مبلغا آخر ووزعنا التعويض على كافة الموظفين وأذكر حينها أن وزير المالية حذرني من هذا القرار وأنه سيؤدي لثورة فقلت له إن مبررات الثورة هي الوضع الذي كان قائما”
– سأله القاضي عن ملكية الأرض التي بني عليها السوق الجديد في نواكشوط، فأجاب: “لا يمكن بناؤه إلا على أرض الدولة” قاطعه القاضي: “كان هذا في زمنكم؟” فرد بالقول: “سأقول لكم إن كل ما بني في هذا البلد كان في زمني وهذه مفخرة لي، بما في ذلك العدالة”، ابتسم القاضي قائلا: “هذا جيد”، ثم واصل الرئيس السابق حديثه قائلا: “السوق القديم كان متهالكا وبعض محلاته تعود ملكيتها لأفراد وطلبنا منهم عبر وزارة التجارة إيجاد حل لمشكلة سقوط المحلات وأسقفها، لكن لم نتوصل معهم لحل، فأطلقنا مناقصة لبناء سوق بكافة المعايير واستثمرت فيه الدولة مبلغا لا أذكر قدره وتم بيعه للتجار عبر المزاد العلني واسترجعنا كل الاستثمار ولدينا سوق عصري”، قاطعه القاضي: “هل بيعت كل المحلات، وهل كنتم تتابعون قضية بيعها”، فرد: “نعم أتابع كل الأمور ولا أخجل من ذلك، لكني لا أعرف ما إذا كان تم بيع كافة المحلات أم لا، لكن الأكيد هو أننا استعدنا التكاليف”
– سأله القاضي عن تعليمات من الوزير الأول لوزير المالية بمنح 3 محلات في السوق لأحد أفراد أسرته، فأجاب: “لا علم لي بذلك، هل هو طفل تحت الكفالة أو بالغ مسؤول عن أفعاله المتصلة والمنفصلة”
– سأله القاضي عن تفاصيل منح أراضي لشركة النجاح في صفقة بناء المطار الجديد، فأجاب: “مطار نواكشوط القديم كان في وضعية سيئة داخل المدينة والأحياء المحيطة به مهددة نتيجة وجوده ومدرجه لا يسع كل الطائرات، وكانت هناك فكرة بناء مطار جديد منذ وقت طويل، أما فكرة بناء المطار مقابل العقارات فهي فكرة تعود أصلا لرجال أعمال إماراتيين، أخذها منهم رجل الأعمال محيي الدين مدير شركة النجاح وطلب مقابلتي وعرض علي الفكرة، فاستدعيت وزير الاقتصادية والتنمية حينها وكلفت لجنة بدراسة الأمر واتخذ قرار بإنشاء مطار جديد بمدرجين وقاعدة عسكرية مقابل جزء من أرض المطار القديم وأراضي في منطقة الصحراوي بتفرغ زينة. لم يكن بالإمكان منح الشركة اقتطاعا من المطار القديم أثناء تشغيله وبالتالي تم تعويضهم بأراضي في الصكوك أو الصحراوي. لم نفتح مناقصة لبناء المطار لأنه ليست لدينا إمكانيات مالية حيث قدرت التكلفة في مرحلة بحوالي 600 مليون دولار وفي مرحلة أخرى بحوالي 1 مليار دولار. قاطعه القاضي كيف عرض عليه محيي الدين الفكرة، فأجب: “لا أذكر تحديدا، لكن هاتفي الشخصي كان مفتوحا دائما وكنت ألتقي رجال الأعمال والمواطنين الراغبين في ذلك. لا علم لي بأي صفقة بها شبهة أو غير مستوفية للشروط تم إبرامها في عهدي، لكن الصفقات بعضها يتم عبر المناقصات المفتوحة وبعضها مغلق وكلها منصوص في القانون”
– سأله القاضي عن تنازل محيي الدين ولد البوه عن قطعة أرضية لأحد أفراد أسرته، فأجاب: “لا علم لي بذلك وأستبعد أن يكون قد حدث. علمت لاحقا بعد إثارة الموضوع بأنها بيعت ولم تكن محل تنازل”
– سأله القاضي إن كان يريد أن يضيف أي شيء، فتحدث عن أنه “ليس من الضروري إثارة قضايا صلاحيات الرئيس وتسيير الدولة أمام الجميع، لكنني مضطر لمشاركتكم بعض التفاصيل، وأتحدى من يثبت أنني بددت الممتلكات العامة أو أضررت بمصالح البلاد أو أعطيت تعليمات بذلك، بالعكس كل ما قمت به كان لمحاولة إنقاذ البلد من الفساد والرشوة والإرهاب”. وأضاف: “لدى وصولي للسلطة كان احتياطي البلاد من النقد الأجنبي لا يتجاوز 400 ألف دولار قبل 2005 وتحسنت الظروف بعد الانتخابات حيث ارتفع المبلغ نتيجة الحصول على 300 مليون دولار لم تكن في الحسبان، بينها 100 مليون دولار من شركة وود سايد و100 مليون دولار من شركة شنڨيتيل و100 مليون دولار من اتفاقية الصيد مع الاتحاد الأوروبي، وفي 2009 بلغ الاحتياطي 178 مليون دولار وعند مغادرتي السلطة عام 2019 كان الاحتياطي في حدود 1 مليار و153 مليون دولار ومئات الأطنان من الذهب”. “عندما كان وزير الخارجية الحالي (محمد سالم ولد مرزوگ) مفوضا لمنظمة استثمار نهر السنغال، كان هناك مشروع يسمى غوينا Gouina في مالي لإنتاج الكهرباء عرضت الصين تمويله بقرض يبلغ 360 مليون دولار لفائدة موريتانيا والسنغال ومالي بموافقة الدول الثلاث، ورفضت التوقيع عليه بعد الاطلاع على الملف رغم تذمر مالي والسنغال وبعد 3 سنوات وصلتني الرئاسة الدورية لمنظمة استثمار نهر السنغال فاستدعيت مدير سوجيكو Sogeco وطلبته إبلاغ الصينيين بالموافقة شرط تقليص المبلغ ووافقوا رغم أن التكلفة يفترض أن ترتفع وحصلنا منهم على 30 مليون دولار قسمت بين الدول الثلاث ورفضت إضافة غينيا إليها لأنها لم تشارك في التفاوض أصلا”. “مشروع بولي هوندونغ التي وقعت الحكومة معها اتفاقية ومرت عبر الجمعية الوطنية وضعتها اللجنة البرلمانية في الملف وتراجعت عنها لأنها أدركت لاحقا أن النواب أجازوها وتم تهديد النظام من طرف الصين بأنه لن يكون هناك تعامل مع موريتانيا مستقبلا”. “ميناء انجاغو وهو مشروع أمني للبحرية التي لم تكن قادرة حتى على مطاردة زورق سنغالي وكان يتحتم على أفرادها العودة من نواذيبو حيث ينطلقون؛ من أجل التزود، لذا قررنا إنشاء ميناء يضم رصيفا عسكريا وآخر تجاريا وثالثا للصيد وورشة لتصليح السفن. الملف أدير على مستوى قيادة أركان الجيش حينها وتمت دراسة إنشائه مع شركة صينية وحين قدموا لي المبلغ لم أتقبله وطلبت من وزير المالية المناقشة مع الجيش والصينيين واستمر التفاوض معهم 6 أشهر حتى تم تقليص التكلفة بمبلغ 80 مليون دولار بسبي تدخلي وكان بإمكاني تمرير الصفقة لأنها من صفقات الجيش. أكد لنا الصينيون لاحقا أنهم ليسوا من كان وراء المبلغ الضخم، وأنهم خسروا مبلغ مليون دولار ودعمتهم الدولة الصينية، فأكدنا أن الأمر لا يهمنا. هذا المشروع تحديدا كانت هناك دولة صديقة عرضت علينا تمويله لكن دولة مجاورة اعترضت لأن وجود الميناء هناك يضر بمصالحها ونقل لي أحد رؤساء الدول أن رئيس تلك الدولة اشتكى له بناء موريتانيا ميناء في انجاغو، فقلت له هذا صحيح لكن اسأله هل قمنا بذلك في دولتنا أو في دولة أخرى!”
– سرد نماذج أخرى مما وصفه بأنه “تدخل الرئيس ال معدل جريمة” بينهما صفقة مع شركة هندية
– عند الساعة 01:05 تدخل المحامي محمدن ولد اشدو وطلب من رئيس المحكمة تعليق الجلسة لمدة ساعة على الأقل كي يستريح موكلهم الرئيس السابق لأنه “أمضى 3 ساعات يتحدث وهو يعاني من مرض لا ندرك حجمه لأن الملف الطبي ممنوع عنا وعنه”
– سأل القاضي الرئيس السابق: “هل تريد المواصلة” فأجاب: “ما دامت المحكمة هنا سأظل أمامها”
– رفع القاضي الجلسة حتى يوم الإثنين المقبل لمواصلة الاستنطاق والاستماع لشهود آخرين في الملف
©Sid_El_Moctar_Sidi

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى