اليوم العالمي للحمار/ سيد محمد(Xy)
ورد ذكر الحمار والحمير في القرآن الكريم والسنة المطهرة وفي الشعر العربي والأمثال وفي كلام بني حسان.
قال تعالى: {إإنَّ أَنكَرَ ٱلْأَصْوَٰاتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ}
وقال: {{وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَة}
وقال: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراًۜ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذ۪ينَ كَذَّبُوا بِاٰيَاتِ اللّٰهِۜ وَاللّٰهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِم۪ينَ}.
وقال:{وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ}.
وفي البخاري:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَكِبَ علَى حِمَارٍ، علَى إكَافٍ علَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ، وأَرْدَفَ أُسَامَةَ ورَاءَهُ، يَعُودُ سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ قَبْلَ وقْعَةِ بَدْرٍ، فَسَارَ حتَّى مَرَّ بمَجْلِسٍ فيه عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، وذلكَ قَبْلَ أنْ يُسْلِمَ عبدُ اللَّهِ، وفي المَجْلِسِ أخْلَاطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ والمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأوْثَانِ واليَهُودِ، وفي المَجْلِسِ عبدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ المَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ، خَمَّرَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ أنْفَهُ برِدَائِهِ، قَالَ: لا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ووَقَفَ، ونَزَلَ فَدَعَاهُمْ إلى اللَّهِ فَقَرَأَ عليهمُ القُرْآنَ، فَقَالَ له عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ: يا أيُّها المَرْءُ، إنَّه لا أحْسَنَ ممَّا تَقُولُ إنْ كانَ حَقًّا، فلا تُؤْذِنَا به في مَجْلِسِنَا، وارْجِعْ إلى رَحْلِكَ، فمَن جَاءَكَ فَاقْصُصْ عليه. قَالَ ابنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، فَاغْشَنَا به في مَجَالِسِنَا؛ فإنَّا نُحِبُّ ذلكَ، فَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ والمُشْرِكُونَ واليَهُودُ حتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ، فَلَمْ يَزَلِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى سَكَتُوا، فَرَكِبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دَابَّتَهُ حتَّى دَخَلَ علَى سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ له: أيْ سَعْدُ، ألَمْ تَسْمَعْ ما قَالَ أبو حُبَابٍ؟ -يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ أُبَيٍّ- قَالَ سَعْدٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، اعْفُ عنْه واصْفَحْ؛ فَلقَدْ أعْطَاكَ اللَّهُ ما أعْطَاكَ، ولَقَدِ اجْتَمع أهْلُ هذِه البَحْرَةِ علَى أنْ يُتَوِّجُوهُ فيُعَصِّبُوهُ، فَلَمَّا رَدَّ ذلكَ بالحَقِّ الذي أعْطَاكَ شَرِقَ بذلكَ، فَذلكَ الذي فَعَلَ به ما رَأَيْتَ.
وقال الدميري في “حياة الحيوان الكبرى” عن الحمار: الحمار جمعه حمير وأحمرة، وربما قالوا: للأتان حمارة، وتصغيره حُمَيّر ومنه توبة بن الحميّر، وكنية الحمار أبو صابر وأبو زياد، قال الشاعر:
زياد لست أدري من أبوه :: ولكن الحمار أبو زياد
وقال: يقال للحمارة أم نافع، وأم تولب، وأم جحش، وأم وهب.
وفي المثل العربي: أخلق من جوف حمار، و أخرب من جوف حمار.
وفي المثل الحساني: “احمارتَْ أعْجِي ما تنخطمْ ءُ لا اتنعگب” يضرب للشيء لا مدخل و لامخرج.
وكان أعجي سيد قومه وقد قرر عن: ذيك لحمارة لا يعگبها حد ولا يخطمها ولأنه مطاع ذهب قوله مثلا وصارت مضرب المثل وفهمت الناس المثل عن لحمارة متبعرصة.
وجاب احمار في لعبة “السيك”.
وكثيرا ما يتمثلون بالقول “إذا ذهب الحمار بأم عمرو فلا رجعت ولا رجع الحمار” لغير المأسوف على ذهابه.
ويقول لكورْ: (چندِ امبامْ چايْ امبامْ) أي “اشترى حمارا وباع حمارا” يضربونه لتاجر (سَوْ) الذي يبيع بالثمن الذي اشترى به، وامبامْ تقال للحمار بلهجة الولوف، وذات هول غنت النعمة منت اشويخ:
انعود ءُهذا ماهُ جرْ :: امنين اتغني گدامي
مانِ عالمْ عنّي ينجرْ :: إلثامِي، ينجرْ إلثامِي
فقال لها محمد ولد بوبَ جدو گافا، سبق به محمدن ولد سيدي ابراهيم الذي قال:
محمد شفتُو ماهُ رادْ :: عن گافْ إيگولُ گدامي
ءُ جاب امْبامُو غير آنَ زاد:: لاهِ عتْ انجيبْ امْبامي
ومحل الشاهد “امبامْ” الذي هو الحمار.
ويقول أحد العاشقين في شور (إلْ مِنتْ أَگانْ”:
يَملانَ غنمْ العراد:: لامرّتْ فاخلاط العزبانْ
واحمارتها لاعثرت زاد:: افْذَ من لِكْدَ وإجيرانْ
وحُبِّبَ إلى گابون لحم الحُمر الأهلية والوحشية، وذات لهو كان گابون يلعب مرياص وطلعت له يدٌ معلومة أغلبها من الفالاتِ وقال (توه) وما إن ضمنها حتى نهق حمار فرمى بيده وقال: ديرو اعليّ فنتْ سيسْ، وانطلق لا يلوي على شيء.
ويقول امحمد:
طاحت عيشَ :: منت المختار
فوگ حشيشَه :: من فوگ احمار
وعيشَ منت المختار هي والدة الامير
ويقول امحمد ولد احمد يوره أيضا:
يا المستگبل من ذو الخطار :: واعد لعبونه والمنار
إلَ جيت لونسة لبصار :: خاليها في وذنها بشور
عليها بالماره لحمار :: وانا والحرطاني والثور
و (احمار الدولة) في نظام المحظرة هو إلّ اكرّر للتلاميذ الكتبة.
وفي مأثور حكاياتنا الشعبية قصة ( تنگيرورة) مع الحمار ، وهي الذبابة التي تزعج الحمار فيقال مانعرفو ذلي ادگول للحمار يغير تبعرصو بعد.
وذات سفر لسعيد بن محم مع زميله، كان عندهم ماء قليل فجاءته حمارة شيخه تشتل عطشانه وسقاها الماء، ولامه زميله قائلا: اعلاش تعطي امّيتهن لهذه امْ افيم اخظر ؟!
فقال له: إلّي افّيمو أخظر ألا حد گال عن احمارة أهل اللا افّيمها اخظر .
وكان من أعضاء اللجنه العسكرية ضابط يسمى آن (Âne)، فطلب أحدهم من العميد محمد محمود ولد امّاه وساطة لإجراء مقابلة مع آن، فقال له أيهم ؟ ..
وفي المثل الحساني (احمار اديرگ)، سقوه العسل فصار يعافَ شرب الماء:
واگف في ابلد ما فيه عودْ :: تففگد عند الزيرگ
عيمان الزيرگ لا تعود :: يا العگل احمار اديرگ
ويقال: احمار رجّالَ و يضرب في الرجل المتفگرش والصبور
ويقال في من يدعي التأثر بما لا يعنيه:
انهگ لحمار انسلّو اجرايد الكلب
ويقال: لم الحوار مع الحمار اعلمو اشهيگ ولل النهيگ
ويضرب في صحبة الفاسدين
وقد علّق شيخنا حفظه الله أنّ لحمار كان داخل اجْماعَة
ويروى أن أحدهم لفرط (السحوة) حين جاء إلى الحاسي وجد عنده احمار أنسابو ماگد يقدم على الحاسي ايحاني لحمار يمشي ايلين مات به العطش.
وكثرت قصص جحا وحماره في كتب الأدب، وقال بشار بن برد: رأيت حماري البارحة في النوم، فقلت له: ويلك لم مت؟ قال الحمار: أتذكر يوم ركبتني يوم كذا وكذا وأنك مررت بي على باب الأصبهاني فإني رأيت أتانا عند بابه فعشقتها حتى مت بها كمدا؟ ثم أنشدني الحمار:
سيدي مل بعناني :: نحو باب الأصبهاني
إن بالباب أتانا :: فضلت كل أتان
تيمتني يوم رحنا :: بثناياها الحسان
وبغنج ودلال:: سل جسمي وبراني
ولها خد أسيل:: مثل خد الشيفران
فبها مت ولو عشت :: إذا طال هواني!
فقال له رجل من القوم: وما الشيفران يا أبا معاذ؟، قال بشار: هذا من غريب الحمار، فإذا لقيته لكم مرة ثانية سألته.
وقال الشاعر:
ولو لَبِسَ الحمارُ ثيابَ خز :: لقال الناس يالك من حمار !!
وكتب أحمد شوقي عن الحمار ما فيه من الإسقاطات:
سقط الحمار من السفينة في الدجى :: فبكى الرفاق لفقده وترحموا
حتى إذا طلع النهار أتت به :: نحو السفينة موجة تتقدم
قالت خذوه كما أتاني سالما :: لم ابتلعه لأنه لا يهضم
وكتب الروائي الكبير توفيق الحكيم سنة 1940 روايته الشهيرة “حمار الحكيم” وكتب عدة مقالات عن الحمير حتى سماه البعض توفيق الحمير.
وطالما مثل الحمار في الثقافات الغباء، وقد نحت المفكر الإسلامي الإيراني الراحل علي شريعتي، مصطلح (الاستحمار) للتعبير عن الاستغفال واستغلال الجهل وعدم الوعي لدى الشعوب، فكتب كتابه القيّم (النباهة والاستحمار)، فكان صرخة مدوية في وجه الاستحمار باسم الدين بشكل خاص، ويحمل في ذات الوقت نقدا لاذعا أيضا لدعاة التغريب، واستنساخ نُظم التعليم الغربية، وتبني الحريات المزيفة التي يُروّج لها الغرب.
فالاستحمار حسب شريعتي نوعان، أولهما الاستحمار القديم أو الدين المزيف، والاستحمار الحديث أو العلم المزيف.
وعن الحمار يقول الشاعر أحمد مطر:
نصف دمي بلازما، ونصفه خفير
مع الشهيق دائما يدخلني، ويرسل التقرير في الزفير
وكل ذنبي أنني آمنت بالشعر، وما آمنت بالشعير
في زمن الحمير.
وقبل الثورة المصرية 2011 أصدر الشاعر أسامة صلاح الأبنوبي ديوانا شعريا بعنوان “البرادعي والحمار”، تنبأ فيه بخروج جماعي للمجتمع من أجل التغيير، وقد رسم ذلك بطريقة ساخرة ورمزية.
ولئن كانت قصة غيلان ذي الرمة بدأت مع مية حين اجتاز بخبائها وهي جالسة إلى جنب أمها فاستسقاها ماء قالت لها أمها: قومي يا خرقاء فاسقيه، فأتته بماء وكانت على كتفه رمة وهي قطعة من حبل فقالت ساخرة: “اشرب يا ذا الرمة” وما إن رآها عن قرب حتى أشعلت عيناها الحرائق في دمه:
وعينان قال الله كونا فكانتا :: فعولان بالألباب ما تفعل الخمر
لها بشر مثل الحرير ومنطق :: دقيق الحواشي لا هرآء ولا نزر
وإذا كانت قصة جميل بن معمر مع بثينة بدأت ذات ملاسنة بوادي بغيض:
وأول ما قاد المودة بيننا :: بوادي بغيض يا بثين سباب
وقلت لها قولا فجاءت بمثله :: لكل كلام يا بثين جواب
فإن قصة محمد عبد الله ولد سعيد ولد عبد الجليل الغلاوي مع رائعة منت البار بدأت مع (الحمار)، فقد كان يسمع عنها فأحب أن يراها من باب الفضول فجاءها مستظرفا مستشيرا في أمر حمار له، فلما رآها وكلمها وكان صوتها رخيما تعشّقها:
رُهبانُ مديَنَ والذينَ عهدتُهُمْ:: يبكونَ مِنْ حذرِ العذابِ قعودا
لو يسمعونَ كما سمعتُ كلامَها:: خَرُّوا لِعَزَّة َ رُكَّعاً وسُجودا
وتزوجت منت البار، وذات مرة سمع ولد سعيد بطلاقها، فكتب إلى صديقه الأمير أحمد سالم ولد اعل (بياده):
لحگ لِلّي واسَ فالشر ::اللاحگ لخلاگ ءُلاظر
مسلم عني نبغ نجبر:: مركوب إمرگن للدار
اجملْ معلوم إعود أظكر:: نبغيه، ءخالگ من لخبار
إلّ مذكور الحگكم شرگ:: كيفت تخليت منت البار
راعِ ذيك إلاعادت حگ:: كافيني من مركوب احمارْ
كامل الود